اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) . لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع. إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية.
محاضرة بعنوان شكر النعم (3)
7520 مشاهدة
نعمة الإسلام

وأحب في هذه الجلسة.. أن أذكر شيئا أو أمثلة من النعم التي خص الله تعالى بها هذه الدولة وهذه الجزيرة؛ فإنها من أكبر نعم الله، وأعظم فضائله.

فأعظم ذلك: نعمة الإسلام؛ فإنه قد حرم خلق كثير من هذه النعمة، واستحبوا الكفر على الإيمان، وهدانا الله تعالى، وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلَا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ فلله علينا الفضل والإحسان؛ حيث وفقنا وهدانا للإسلام. تسير في دول كثيرة ليس لهم دين، وتجد دولا وأمما أديانهم مبتدعة، فهذا يهودي وهذا نصراني، وهذا بوذي وهذا شيوعي، وهذا هندوسي وهذا قدياني، وأشباه ذلك.
فالإسلام هو الدين الذي اختاره الله قال الله تعالى: الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا رضيه الله لنا دينا، نتقرب به، وندين به؛ ولكن الشأن كل الشأن فيمن يحقق هذا الإسلام، فإن الكثير والكثير يقولون: إننا مسلمون؛ ولكن ليس معهم إلا مجرد التسمي، ما معهم من الإسلام إلا اسمه، ولا من القرآن إلا رسمه، يتحقق فيه ما ورد في الحديث أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: يأتي على الناس زمان لا يبقى من الإسلام إلا اسمه، ولا من القرآن إلا رسمه مساجدهم عامرة، وقلوبهم خراب من التقوى، ودماؤهم شر من تحت أديم السماء، منهم خرجت الفتنة وإليهم تعود نعوذ بالله من هذه الطائفة.
فالإسلام الحقيقي هو العمل بأركانه وكذلك بتعاليمه. فهذه من أجل النعم، فعلينا أن نحققها.